في شهر محرم من السنة السابعة الهجرية ، خرج رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، على رأس ألف وأربعمائة مقاتل ، بعد أن سلم الراية لسعد بن عبادة سيد الخزرج ، يريد غزو خيبر ، التي كان أهلها من اليهود الذين فروا إليها بعد غزوة بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة ، والذين أخذوا يحرضون العرب ويحالفونهم ، أمثال قبيلة غطفان ، على حرب النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وما إن وصل جيش المسلمين إلى حصون خيبر ، حتى أرتفعت أصواتهم بالتكبير والدعاء ، ولما رأى بعض اليهود ، جيش محمد وهو يحاصر قريتهم ، انطلقوا هاربين إلى حصونهم فنادى رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : " الله أكبر ، خرجت خيبر ، الله أكبر هلكت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " . ثم بدأت المعركة بين الجانبين ، واستطاع المسلمون أن يقتلوا أحد قادة اليهود وهو : سلام بن مشكم ، وأن يفتحوا بعض الحصون ، ثم أعطى رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، الراية إلى علي بن أبي طالب ، وتوجه لفتح باقي حصون اليهود ، وهناك في ساحة الوغى ، جندل {3} علي بن أبي طالب ، عددا كبيرا من فرسان اليهود وأبطالهم ، حتى استطاع المسلمون دخول حصون اليهود وفتحها ، عندئذ نزل كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، صاحب حصن القموص ، وطلب الصلح من رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فقبله على أن يجلى اليهود ويطردوا ، وأن يأخذوا معهم من الأموال ما تستطيع حملها جمالهم ، أما الباقي فتبقى غنيمة المسلمين ، وبعد استقرار النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، في خيبر تقدمت إليه : زينب بنت الحارث ، وزوجة سلام بن مشكم ، وقدمت إليه : ذراع شاة مسمومة ، انتقاما منه لقتل زوجها وأخيها وأبيها قائد اليهود الحارث بن أبي زينب ، وما إن وضع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم اللقمة في فمه ، حتى أخبره العظم بأنها مسمومة ، فلفظ رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم اللقمة قبل أن يبتلعها ، كذلك أمر أصحابه أن يلفظوا ما أكلوه ، إلا أن بشر بن البراء ابتلع اللقمة فمات ، رضي الله عنه وعندما استدعى رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، زينب وسألها عن سبب فعلتها النكراء تلك ، أجابت بقولها : إن كنت نبيا حقا يطلعك الله تعالى ، وإن كنت ملكا كاذبا أرحت الناس منك ، ولما أطلعك الله عرفت أنك نبي مرسل ، وها أنا ذا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنك رسول الله . فعفا عنها ، وكذلك عفا عنها أولياء بشر بن البراء